الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصحيح أنّ هناك خلافًا بين أهل العلم في حكم من حلف على شيء يظنّه على حال معينة؛ فتبين بخلافها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فإن كانت اليمين على ماض، أو حاضر قصده به الخبر -لا الحض والمنع-، كقوله: والله، لقد فعلت كذا. أو لم أفعله. وقوله: الطلاق يلزمني، لقد فعلت كذا. أو لم أفعله. أو الحل عليَّ حرام، لقد فعلت كذا. فهذا إما أن يكون معتقدًا صدق نفسه؛ أو يعلم أنه كاذب؛ فإن كان يعتقد صدق نفسه، ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يلزمه شيء في جميع هذه الأيمان؛ وهذا أظهر قولي الشافعي؛ والرواية الثانية عن أحمد. فمن حلف بالطلاق، والعتاق، أو غيرهما على شيء يعتقده، كما لو حلف عليه، فتبين بخلافه؛ فلا شيء عليه على هذا القول. وهذا أصح الأقوال.
والثاني: يكون كالحلف على المستقبل في الجميع، وهذا هو القول الثاني للشافعي، والرواية الثانية عن أحمد. فعلى هذا تلزمه الكفارة فيما يكفره.
والقول الثالث: أن يمينه إذا كانت مكفرة؛ كالحلف بسم الله، فلا شيء عليه؛ بل هذا من لغو اليمين؛ وإن كانت غير مكفرة؛ كالحلف بالطلاق والعتاق، لزمه ذلك، وهذا مذهب مالك؛ وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور. انتهى من مجموع الفتاوى.
والراجح عندنا؛ أنّ من حلف بالطلاق أنّ فلانة فعلت كذا، لظنّه ذلك، ثمّ تبين له أنّها لم تفعله؛ فإنّه لا يحنث في يمينه، ولا يقع طلاقه، وراجع الفتوى: 417325.
والله أعلم.