الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن التنبيه في جواب هذا السؤال إلى عدة أمور:
أولا: أن جدتك ما دامت قد أدركها الخرف وصارت لا تعقل بسبب كبر السن، فلا يصح منها البيع، لأن من شروطه وجود التمييز في كل من البائع والمشتري.
قال خليل في مختصره: وشرط عاقده(يعني البيع) تمييز. فمن فقد عقله فقد ارتفع عنه الخطاب الشرعي التكليفي وأصبحت تصرفاته باطلة لا تمضي، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيفظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. رواه النسائي وابن ماجه وغيرهما.
ثانيا: ما تملكه تلك الجدة من منزل أو غيره باق في ملكها ما دامت على قيد الحياة، ولا ينتقل الحق فيه لورثتها إلا بعد موتها، وبالتالي، فلا يحق لأولادها الذكور أو الإناث توزيع مالها بينهم في حياتها، إذ لا ملك للجميع فيه إلا بعد موتها.
ثالثا: فإن التسرع في هذا الأمر وتوزيع المال المذكور في حياة الجدة أمر مناف لمكارم الأخلاق، فلا ينبغي للمسلم أو المسلمة الاتصاف بالجشع والطمع، بل الأولى الاتصاف بالقناعة واعتقاد أن المال ظل زائل، وما كتب للإنسان من رزق سيصل إليه لا محالة، مع التأمل فيما يؤول إليه الإنسان من كبر بعد قوة ومرض بعد صحة وكون الإنسان سيورث عنه ماله من طرف غيره كما ورث هو مال من سبقه من أقاربه.
وحاصل الأمر أن بيع البيت المذكور من طرف هؤلاء الأبناء لا يجوز لعدم ملكهم له، فضلا عن كون الإقدام عليه عقوقا لأمهم ومنافيا لمكارم الأخلاق.
والله أعلم.