الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإحباط السيئات للحسنات هو إحباط موازنة، كما بينه المحققون من العلماء، فكما تذهب الحسنات السيئات، فكذلك السيئات قد تذهب الحسنات، وهذا المعنى قد أوضحناه في الفتوى: 180787.
فهؤلاء القوم لما كثرت معاصيهم في السر، وأظهر ذلك استخفافهم بمشاهدة الله لهم واطلاعه عليهم، كانت سيئاتهم تلك محبطة لحسناتهم، والله -تعالى- حكم عدل لا يظلم الناس شيئا.
ولا تنافي بين هذه النصوص المفيدة لإحباط السيئات لبعض الحسنات، وبين قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7}. لأنه يراه، ويراه قد حبط بالسيئات التي ارتكبها.
والشرك هو الذي يحبط العمل كله، وأما المعاصي فتحبط ما قابلها من الحسنات، ولا تحبط العمل بكماله، كما بيناه في الفتوى المحال عليها.
وأما الحديث المذكور، فلا تعلق له بمسألة إحباط الأعمال والتي هي محل السؤال.
والله أعلم.