الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان دخلك من عملك، ومن ريع محل الإيجار، لا يكفي لسدّ احتياجاتك واحتياجات عيالك الأساسية -من مأكل، ومشرب، وملبس، ودواء-؛ جاز لك الأخذ من الزكاة بوصف الفقر، أو المسكنة، قال الشربيني في الإقناع، مبينًا حد الفقر: الْفَقِير، وَهُوَ: من لَا مَال لَهُ، وَلَا كسب لَائِق بِهِ، يَقع جميعهما أَو مجموعهما موقعًا من كِفَايَته مطعمًا وملبسًا ومسكنا وَغَيرهمَا، مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهُ، على مَا يَلِيق بِحَالهِ وَحَال ممونه- مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ- كمن يحْتَاج إِلَى عشرَة وَلَا يملك، أَو لَا يكْتَسب إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة. وَسَوَاء أَكَانَ مَا يملكهُ نِصَابا أم أقل أم أَكثر. انتهى.
وقال في مغني المحتاج - في بيان حد المسكين-: (والمسكين من قدر على مال، أو كسب) لائق به، حلال (يقع موقعًا من كفايته) لمطعمه ومشربه وملبسه، وغيرها مما يحتاج إليه لنفسه، ولمن تلزمه نفقته، كما مر في الفقير (ولا يكفيه) ذلك المال أو الكسب كمن يحتاج إلى عشرة، ولا يجد إلا سبعة أو ثمانية. انتهى.
ولا تمنع حيازة ضرورات الحياة التي عند الفقير، من أخذ الزكاة، كالمسكن الذي يسكنه، والمركب الذي لا بد له منه.
قال العلامة محمد مولود الشنقيطي في الكفاف، بعد ذكره لحد الفقير:
بعد الضروريات وهي بحسب أربابها إذ في الغنى لا تحتسب
قال في الشرح: (بعد الضروريات) له، كدار بقدر سكناه، وخادمه، وفرسه، إن كان عاجزًا عن المشي، ودوابه التي يستعين بها على معيشته، وإن باعها عجز عنها (وهي) أي: الضروريات (بحسب أربابها) فالضروري لا يمنع من أخذ الزكاة، والضروري لكل إنسان بحسبه، وإنما قال: بعد الضروريات (إذ) هي (في الغنى لا تحتسب) أي: لا تعد، ولا تعتبر؛ فالمعتبر في منع الأخذ هو العين، وما فضل من عروض القنية. انتهى.
وكذا إذا كان عليك دَين تعجز عن وفائه، فلك الأخذ من الزكاة؛ لكونك غارمًا، وانظر لبيان حد الغارم الذي يعطى من الزكاة الفتوى: 127378.
والله أعلم.