الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزواج من الكتابية العفيفة، جائز شرعا، ودليل ذلك قول الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات..... وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.
وليس من حق الوالدين إلزام ولدهما بالزواج ممن لا يحب، ولكن من حقهما منعه من الزواج ممن يحب؛ لأن طاعته لوالديه فرض، وزواجه من هذه المرأة المعينة ليس فرضا عليه، وما كان فرضا مقدم على ما ليس بفرض، وهذا ما لم يخش مفسدة كالوقوع في المعصية بسبب تعلق قلبه بها، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 93194. ولا فرق في هذا بين كون المرأة مسلمة أو كتابية.
وكون هذه المرأة مصابة بفقر الدم لا يمنع شرعا من الزواج منها، فإن كانت لك الرغبة في الزواج منها، فحاول إقناع والديك بالموافقة على ذلك.
فإن تيسر إقناعهما، فالحمد لله. وإلا وجبت عليك طاعتهما، ما لم تخش مفسدة.
وإن رأيت أن تصبر وتضبط نفسك وتعفها، وتترك الزواج من هذه المرأة برا بوالديك، فربما كان هذا البر سببا في أن يرزقك الله من هي خير منها.
وننبه إلى أن الزواج الذي يكون أساسه مجرد تعارف من خلال مواقع التواصل، يكون مصيره الفشل غالبا، إذ يصعب معرفة حقيقة المرأة التي يراد الزواج منها، ويتعذر الوصول إلى بعض الثقات للسؤال عنها، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 8757.
وههنا تنبيه آخر وهو أن الزواج من الكتابية العفيفة وإن كان جائزا شرعا، إلا أنه قد تكتنفه بعض المخاطر والمفاسد، ولذلك كره بعض أهل العلم الزواج منها، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 5315، والفتوى: 124180.
والله أعلم.