الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتداوي في أصله مشروع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم.
وأكثر العلماء على أن التداوي لا يجب؛ كما هو مبين في الفتوى: 27266.
وذهب مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي ــ في قراره رقم: 69/5/7- إلى القول بوجوب التداوي، إذا كان تركه يفضي إلى تلف النفس، أو أحد الأعضاء، أو العجز، أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية.
ولا ينبغي الدخول على صاحب المرض المعدي، بل ويمنع الشخص المريض مرضًا معديًا من الدخول على الأصحاء أيضًا، وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ رَجُلٍ مُبْتَلًى سَكَنَ فِي دَارٍ بَيْنَ قَوْمٍ أَصِحَّاءَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُمْكِنُنَا مُجَاوَرَتُك، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَاوِرَ الْأَصِحَّاءَ، فَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُهُ؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ، لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ السَّكَنِ بَيْنَ الْأَصِحَّاءِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا يُورَدُ مُمَرَّضٌ عَلَى مُصِحٍّ}، فَنَهَى صَاحِبَ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ، أَنْ يُورِدَهَا عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ الصِّحَاحِ، مَعَ قَوْلِهِ: {لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ}، وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَجْذُومٌ لِيُبَايِعَهُ، أَرْسَلَ إلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ. اهــ. من مجموع الفتاوى.
ومع انتشار هذا المرض الخطير ــ كورونا- نرى أنه ينبغي أخذ اللقاحات المضادة له، والمعتمدة من المؤسسات الطبية الدولية.
وقد أثبت الواقع نفعها في تقليص بؤرة المرض، وقلة الإصابة والوفاة بسببه.
والله أعلم.