الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحصول المقاصة فرع لثبوت الحق، فإن كان صاحب الدكان مقرا بحق السائل وبقدره، بحيث يثبت هذا المبلغ دينا في ذمته للسائل، فعندئذ تقع المقاصة بين المبلغين، ولا يشترط رضا الطرفين بالمقاصاة على الراجح.
قال الزركشي في «المنثور»: إذا ثبت لشخص على آخر دين، وللآخر عليه مثله. إما من جهة كسلم وقرض. أو من جهتين كقرض وثمن، وكان الدينان متفقين في الجنس والنوع والصفة والحلول، وسواء اتحد سبب وجوبهما كأرش الجناية، أو اختلف كثمن المبيع والقرض، ففيه أربعة أقوال:
أصحهما عند النووي، وهو ما نص عليه في الأم في اختلاف العراقيين، أن التقاصَّ يحصل بنفس ثبوت الدينين، ولا حاجة إلى الرضا؛ لأن مطالبة أحدهما الآخر بمثل ماله عناد، لا فائدة فيه ..
والثاني: يسقط أحدهما بالآخر إن تراضيا، وإلا فلكل منهما مطالبة الآخر.
والثالث: يسقط برضا أحدهما.
والرابع: لا يسقط ولو تراضيا. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يشترط لحصول المقاصة الجبرية عند جمهور الفقهاء اتحاد الدينين جنسا ووصفا، وحلولا، وقوة وضعفا، ولا يشترط ذلك في المقاصة الاختيارية.
فإن كان الدينان من جنسين مختلفين، أو متفاوتين في الوصف أو مؤجلين، أو أحدهما حالا والآخر مؤجلا، أو أحدهما قويا والآخر ضعيفا، فلا يلتقيان قصاصا إلا بتراضي المتداينين سواء اتحد سببهما أو اختلف.
والمالكية لا يقولون بالمقاصة الجبرية التي تقع بنفسها إلا نادرا. قال الدسوقي: غالب أحوال المقاصة الجواز، أما وجوبها فهو قليل إذ هو في أحوال ثلاثة وهي: إذا حل الدينان، أو اتفقا أجلا، أو طلبها من حل دينه، فالمذهب وجوب الحكم بالمقاصة. اهـ.
والله أعلم.