الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أختي المسلمة أن هذه الوساوس التي تعرض لك يجب عليك دفعها وعدم الاسترسال معها أو التمادي فيها، وبذلك تنالين علامة من علامات الإيمان، ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
فادفعي هذه الوساوس، وكوني لها كارهة، واستعيذي بربك من الشيطان الرجيم، تسلمي من مكائده، ثم اعلمي أن الله عز وجل هو رب العالمين، المتفرد بصفات الجلال والكمال فهو الخالق وملك السماوات والأرض فلا رب سواه، قال الله تعالى: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [غافر:62]، وقال سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ [فاطر:13]، فثبت أنه وحده المالك وأنه وحده الخالق، فكوني من ذلك على يقين ولا تلتفتي إلى الوساوس، وأما قوله تعالى: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، فهو نفي لكلا الأمرين، فهو لا شبيه له ولا مساوي له، قال القرطبي عند تفسير هذه الآية: لم يكن له شبيه ولا عدل. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره: يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نديد، ولا شبيه، ولا عديل.
وبخصوص الآية الأخرى وهي قوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون:91]، فهي دليل على ربوبية الله وحده واستحقاقه للعبادة دون سواه، وقد عبر بعض العلماء عما ورد فيها بدليل التمانع، ولا شك أنه لو افترض وجود خالق آخر ولو في كون مستقل أن ذلك يقتضي نقصاً في الخالق، والحال أنه هو القاهر المهيمن على كل شيء، وقوله تعالى: وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون:91]، معناه كما قال البغوي في تفسيره: أي طلب بعضهم مغالبة بعض كفعل ملوك الدنيا فيما بينهم. انتهى.
وقول الله تعالى: ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، من أقوى الأدلة على وحدانية الله تعالى، وقد وردت مطلقة غير مقيدة بزمان، فهو متفرد بالوحدانية منذ الأزل، وقد ورد لفظ "شيء" نكرة في سياق النفي فيعم كل الأشياء.
وبخصوص وجود الله تعالى فالواجب الوقوف عند ما ورد في الكتاب والسنة، دون التعمق والتكلف فيما يتعلق بالمكان والزمان ونحو ذلك، فالسلامة لك أيها الأخت الفاضلة أن لا تلتفتي إلى الوساوس أبداً وإلا أدت بك إلى الوقوع في مهاوي الردى.
والله أعلم.