الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما ذكرت من توبتك إلى الله -تعالى- وإقبالك على الذكر وتلاوة القرآن، وصوم النوافل.
فهذا أمر طيب، ومسلك حسن، نسأل الله -تعالى- أن يتقبل توبتك وكل عمل صالح، ونوصيك بكثرة الدعاء، وسؤال الله -تعالى- العافية من كل بلاء. فعسى الله أن يدفع عنك شر كل ذي شر. روى أبو داود عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى عليه وسلم كان إذا خاف قوما، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
والواجب عليك الحذر من كل ما يمكن أن يقودك للوقوع في الفاحشة مرة أخرى، ولا يكون الضغط النفسي دافعا لك لهذا الفعل القبيح، فالضغط النفسي لا يبرر الوقوع في مثل هذا، وبذكر الله تذهب الهموم والغموم، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
وإذا وجدت شيئا من المضايقات من أهلك أو أهل زوجك، فتسلي بالصبر، ففي ذلك كثير من خير الدنيا والآخرة، وراجعي الفتوى: 18103، ففيها بيان فضل الصبر.
وادفعي السيئة بالحسنة، فإن ذلك من دواعي حلول الألفة والمودة محل الجفاء والقطيعة، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
وأكثري من دعاء الله -سبحانه- أن يصلح حالهم. ونوصيك بأمك خاصة، ببرها والإحسان إليها.
وبما أنك متزوجة، فالأمر في الإذن في الخروج من البيت من عدمه إلى زوجك، فإن أذن لك بالخروج والعمل، فليس لأهلك منعك من ذلك، فلا تكونين عاقة بمخالفة أهلك، وخاصة مع حاجتك للعمل، ولكن يجب عليك مراعاة الضوابط الشرعية عند الخروج من الستر، واجتناب الاختلاط المحرم ونحو ذلك من أسباب الفتنة، وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى: 19419.
ونختم بالتنبيه على خطورة التصرفات التي ذكرتها عن أهلك، ولا سيما والديك، من عدم اهتمامهم بأمر التحرش بك وفضحهم لك.
فإن صح ذلك عنهم، فهو أمر غريب يدل على نوع من الجهل ورقة في الدين وانتكاس للفطرة، فالغالب حرصهم على مصلحة ابنتهم والستر عليها لا إلحاق الضرر بها وفضحها.
ونوصي بتحري الحكمة في التعامل معهم ومداراتهم، والبر بالوالدين وخاصة الأم، والإحسان إليها، فإن ذلك لا يسقط عن ولدهما وإن أساءا إليه. كما هو مبين في الفتوى: 299887.
والله أعلم.