الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس السهر محرما، وغاية ما في الأمر أنه يكره الحديث بعد العشاء إلا لمصلحة راجحة، فإن وجدت مصلحة راجحة لسهرك؛ كمحادثة ضيف، أو طلب علم؛ فلا كراهة في سهرك، وإلا فالأولى أن تبادر بالنوم بعد العشاء لتقوم إن أمكنك لصلاة الليل، وتقوم لفريضة الفجر نشيطا.
قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظُهُ، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) لِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْعَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَلَّلَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا، وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ (إلَّا) الْحَدِيثَ (فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ شُغْلٍ، أَوْ شَيْءٍ يَسِيرٍ، أَوْ مَعَ أَهْلٍ، أَوْ ضَيْفٍ) فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ، فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ. انتهى
وإذا علمت هذا، فلا إثم عليك بحال فيما ذكرت، والنائم قبل دخول وقت الصلاة لا يأثم إذا فاتته الصلاة، والمشروع له أن يأخذ بأسباب الاستيقاظ، فإن استيقظ فبها، وإلا صلى فور استيقاظه.
وأما بعد دخول وقت الصلاة؛ فيحرم النوم على من علم، أو غلب على ظنه أنه لا يستيقظ قبل خروج الوقت، وانظر الفتوى: 141107.
والله أعلم.