الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم أنه يجب على الوالد أن يعدل بين أولاده ذكرانا وإناثا، ولا يفضل بعضهم على بعض دون مسوغ شرعي، وانظري الفتويين: 124400، 6242.
وعليه؛ فلا يجوز لوالدك أن يفضل أخاك وأولاده في الهبة ونحوها عليك وأولادك لما ذُكِر، فأنتما وأولادكما جميعا أولاده، فيجب عليه أن يعدل بينكم.
وما ذكرتِه من كون نصف هذا المال من معاش أمك المتوفاة؛ فيحرم على أبيك أن يمنعك من نيل حقك الذي شرع الله لك في تركة أمك، أو يتصرف في شيء منه بغير طيب نفسك، أو يعطيه لأخيك وأولاده، وانظري الفتويين: 124863، 112266.
لكن في المقابل اعلمي أن رعاية الوالد وبره، خاصة عندما يكون في حاجة إلى ذلك؛ أمر أوجبه الشرع الحكيم له على أبنائه ذكرانا وإناثا، وقد بسطنا القول في ذلك في الفتويين: 38011، 127286.
وعلى هذا؛ فالواجب عليك وعلى أخيك القيام بخدمة أبيكما على أتم وجه، وليس عليك من ذنب إن تركت بعض خدمة والدك على أخيك؛ لأن خدمته تجب عليكما بالتساوي، وليست على أحدكما دون الآخر، وذلك بالقياس على حاجته في الإنفاق.
قال الإمام المواق المالكي في التاج والإكليل عند قول خليل: (وَخَادِمِهَا وَخَادِمِ زَوْجَةِ الْأَبِ) الْمُتَيْطِيُّ: يُنْفِقُ عَلَى مَنْ لَهُ خَادِمٌ مِن الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ يُنْفِقُ عَلَى خَادِمِ زَوْجَةِ أَبِيهِ لِأَنَّهَا تَخْدُمُ أَبَاهُ لِأَنَّ عَلَى الِابْنِ إخْدَامَ أَبِيهِ إذَا قَدَرَ.. انتهى.
لكن لا ينبغي أن يكون تركك لبعض خدمة والدك على أخيك في بساط المغاضبة والانتقام من تصرفات أبيك تجاهك وأبنائك، بل عليك أن تصبري، وتحتسبي، وتعلمي أن خدمته تدخل ضمن الإحسان الذي أمر الله تعالى به في قوله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة: 83].
قال ابن عاشور في تفسيره: وشمل الإحسان كل ما يصدق فيه هذا الجنس من الأقوال، والأفعال، والبذل، والمواساة. انتهى.
وننبه إلى أن واجب خدمة والدك متجه إليك، وإلى أخيك، ولا علاقة لزوجة أخيك به؛ إذ لا تلزم زوجة الابن خدمة والديه. نعم إن فعلت ذلك إرضاء لزوجها، فهو أمر محمود تؤجر عليه.
والله أعلم.