الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتح حساب في مواقع الصدقة الإلكترونية، والدخول به عند التصدق. هذا في ذاته لا يعتبر مَنًّا ولا رياء، ما دام المتصدق لم يقصد به ثناء الناس.
ولكن إن كان تسجيل الدخول يترتب عليه علم المشاركين في الموقع بصدقتك، فهنا تأتي المفاضلة بين التصدق مع تسجيل الدخول، وبين التصدق مع الدخول كزائر. بناء على المفاضلة بين صدقة السر وصدقة العلن، وقد ذكرنا أقوال الفقهاء حول هذه المفاضلة في الفتوى: 258112، والفتوى: 62760، وذكرنا فيهما أن صدقة السر في الجملة أفضل من صدقة العلن.
ولا شك أيضا أن الأولى أن لا تكتب تلك الصدقات؛ لما في كتابتها من معنى عدها، والذي قد يترتب عليه استكثار تلك الصدقات وربما التوقف عن التصدق، وقد قيل في تفسير حديث: أَعْطِي، وَلَا تُحْصِي؛ فَيُحْصَى عَلَيْكِ. والحديث في الصحيحين، وهذا لفظ أبي داود.
قيل في معنى: «لَا تُحْصِي»: أَيْ لَا تَعُدِّيهِ فَتَسْتَكْثِرِيهِ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِانْقِطَاعِ إِنْفَاقِكِ. قاله النووي في شرح مسلم.
ومع ذلك، فلو كتبت تلك الصدقات -وأحرى لو كُتِبَتْ إلكترونيا بدون تدخل منك- فإن مجرد كتابتها وعدها لا يبطل، ولا ينقص من أجر صدقتك، وإنما يخشى منه ما ورد في الحديث من استكثارها، ثم انقطاعها.
والله أعلم.