الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل قد شرع الزواج لأهداف نبيلة، ومقاصد عظيمة، ومن أهمها: أن تكون الأسرة مستقرّة، يعرف كل من الزوجين فيها للآخر حقّه، ويقوم به على أكمل وجه، حسب طاقته، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{البقرة:228}.
فيعرف الزوج لزوجته قدرها، ويطيع الله فيها، وتعرف المرأة لزوجها حقّه، وتتقي الله فيه، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين، نرجو مطالعة الفتوى: 27662.
والمرأة عليها شرعًا أن تحسن عشرة زوجها، وتعرف له مكانته، وأن تستشعر أن الله عز وجل قد جعل القوامة له عليها، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}.
وينبغي للزوج أن يستحضر -في مقابل هذه الصفات السيئة التي ذكرت عنها- أن لزوجته صفات حسنة، تُشكَر عليها، وينبغي أن تكون محل اعتبار من الزوج، وأن يتحرّى الحكمة مع زوجته، ويجعل هذه الصفات الحسنة مدخلًا لإصلاحها، ومناصحتها بالحسنى.
ويمكنه أن يستعين في سبيل ذلك ببعض العقلاء من أهله وأهلها.
هذا بالإضافة إلى كثرة الدعاء لها بأن يصلح الله حالها، ويرزقها رشدها وصوابها.
ولا ينبغي أن ييأس أبدًا؛ فالله على كل شيء قدير، وكل أمر عليه يسير.
ولا يلزم أن يكون ما حدث له من امرأته بسبب دعوة أصابته، أو ذنب ارتكبه، بل قد يكون مجرد ابتلاء من الله، وفي الصبر على البلاء كفارة للذنوب، ورفعة للدرجات، وتراجع الفتوى: 18103، ففيها بيان فضل الصبر، وراجع للفائدة الفتوى: 9050.
وبخصوص ما ذكر من كونه يريد أن يجعل العصمة بيد زوجته؛ فإن هذا لا يجعل لها الحق في الطلاق بإطلاق، بل يتقيد بالمجلس، في قول جمهور الفقهاء، خلافًا للحنابلة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 110758.
وعلى كل تقدير؛ فلا ينبغي للزوج أن يجعل العصمة بيدها؛ نظرًا لطبيعة المرأة العاطفية، التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلِّق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية.
وأما إعطاؤها حقوقها الشرعية، وعدم ظلمها؛ فهذا واجب شرعًا، ولعل الله سبحانه يجعل ذلك سببًا في صلاح الحال، وأن تكون العلاقة حميمية بينهما.
والله أعلم.