الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يستفاد من كلام هذا الشيخ حصول الخلاف في نفي قياس الشمول عن الله عز وجل! وإنما محل الخلاف هو دلالة الكاف في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {الشورى:11}، على نفي هذا النوع من القياس.
وإلا فلا ريب في بطلان استعمال نوعي القياس في حق الله تعالى، وإنما يستعمل في حقه -سبحانه- قياس الأولى في إثبات كل أنواع الكمال اللائقة به -عز وجل-، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العقيدة الأصفهانية: القياس تارة يعتبر فيه القدر المشترك من غير اعتبار الأولوية، وتارة يعتبر فيه الأولوية، فيؤلف على وجه قياس الأولى. وهو إن كان قد يجعل نوعًا من قياس الشمول والتمثيل، فله خاصة يمتاز بها عن سائر الأنواع، وهو أن يكون الحكم المطلوب أولى بالثبوت من الصورة المذكورة في الدليل الدال عليه، وهذا النمط هو الذي كان السلف والأئمة -كالإمام أحمد، وغيره من السلف- يسلكونه من القياس العقلي في أمر الربوبية، وهو الذي جاء به القرآن؛ وذلك أن الله سبحانه لا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قياس الشمول الذي تستوي أفراده، ولا تحت قياس التمثيل الذي يستوي فيه حكم الأصل والفرع، فإن الله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء: لا في نفسه المذكورة بأسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله! ولكن يسلك في شأنه قياس الأولى، كما قال: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى}. اهـ.
وقال في درء تعارض العقل والنقل: ومما يوضح هذا أن العلم الإلهي لا يجوز أن يستدل فيه بقياس تمثيلي يستوي فيه الأصل والفرع، ولا بقياس شمولي تستوي فيه أفراده؛ فإن الله سبحانه ليس كمثله شيء؛ فلا يجوز أن يمثل بغيره، ولا يجوز أن يدخل تحت قضية كلية تستوي أفرادها. اهـ. وراجعي لمزيد الفائدة عن ذلك الفتوى: 244360.
والله أعلم.