الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الصندوق مؤسسًا على نظام الصناديق التعاونية الإسلامية، بحيث يدفع كل مشترك مبلغ اشتراكه متبرعا به، وعلاقة الإدارة بالصندوق علاقة وكالة بحيث تدير أمره نيابة عن المشتركين، وكان مال المتبرعين يستثمر فيما هو مباح؛ فلا حرج في الاشتراك فيه، والاستفادة منه.
وليس الإشكال في تفاوت قيم الاشتراكات بحسب السن، ولا في زيادة المبلغ المستفاد عن الأقساط المدفوعة، وإنما الإشكال الأصيل في مسألتين:
إحداهما: تتعلق بذات العقد، وهي كون العقد عقد معاوضة بين إدارة الصندوق والمشتركين، بحيث يدفع كل منهم مبلغ الاشتراك مقابل تكفل الإدارة له بتعويضه بمبلغ ما عند بلوغه سنا معينة، أو نحو ذلك.
والثانية: كون المال مستثمرا فيما هو محرم كالربا أو غيره، فيحرم الاشتراك فيه حينئذ.
أما لو كان العقد عقد تبرع؛ فالمشترك يدفع اشتراكه متبرعا به للتعاون مع باقي المشتركين، والتكافل بينهم لتفتيت الأخطار، وضرر المصائب عليهم، وتكون الإدارة مجرد وكيل عنهم في إدارة المال، واستثماره فيما هو مباح، وتوزيعه عليهم حسب شروط الاستحقاق، فهنا يكون الاشتراك فيه مباحا بغض النظر عن تفاوت قيم الاشتراكات بحسب السن، أو زيادة المبلغ المستفاد عن الأقساط المدفوعة، وهذا يمكن أن يعرفه السائل من خلال الرجوع للقائمين على الصندوق.
وأما فرض غرامة على المشترك فقد بينا حكمها فيما لو كان نظام الصندوق تعاونيا تكافليا، وأنه لا حرج فيها، وبمثل ذلك أفتت دائرة الإفتاء بالأردن.
فقد جاء في فتواها حول ذلك: ولا يدخل في إطار المعاوضات المالية المحضة، وبذلك تخرج الغرامات التأخيرية المفروضة على التأخر عن سداد الاشتراكات في صندوق التقاعد من قاعدة الربا؛ لأنّ الربا يتحقق في المعاوضات المحضة، والقروض الربوية، والديون، وأما التأمين التعاوني فلا يدخل تحت أيّ منها.
وعليه؛ فلا تعدّ الغرامات التأخيرية التي يأخذها صندوق التقاعد من المشتركين من قبيل الربا.
وللفائدة انظر الفتوى: 242137.
والله أعلم.