الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم، والإرشاد، والتوجيه.
وبناء عليه؛ فالذي نستطيع إفادتك به هو أنه إن كان الحال ما ذكرت من كون زوجك لا ينفق عليك، وأنه يؤذيك بالضرب، ويريد أخذ مالك، ويقوم بشتمك وإهانتك، فلا شك في كونك مظلومة.
وهذه التصرفات منه تتنافى مع ما هو مأمور به من حسن عشرتك، وأداء حقوقك، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، وراجعي الفتويين التاليتين: 134877، 113285.
والمحكمة هي المكان المناسب للفصل في المنازعات -كما قدمنا-.
وليس من حق زوجك أن يدّعي الفقر والإعسار؛ ليسقط عنه النفقة.
وإن كان لديك ما يثبت غناه وقدرته على الإنفاق، فيمكن تقديمه للقاضي.
وننبه إلى أنه لا يجوز لأمّ الزوج التدخّل بين ابنها وزوجته، على وجه يؤدي إلى إفساد العلاقة بينهما، بل ينبغي الحرص على أن تكون هذه العلاقة على الخير؛ فالمصاهرة من النعم التي امتنّ الله بها على عباده، فقال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}.
ومما يدل على استحباب إكرام الأصهار ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخلاق حميدة تجاه أصهاره، ومن ذلك أنه لما تزوج جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- أعتق كل من ملك من ذي رحم محرم منها؛ إكرامًا لها، ومنها كذلك وصيته -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان إلى أهل مصر، بقوله: إنكم ستفتحون مصر... فإذا فتحتموها، فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذمّة ورحمًا، أو قال: ذمّة وصهرًا. رواه مسلم.
ولم نفهم ما تعنينه بقولك في نهاية السؤال بقولك: (وهل طلاق مكتوب)، فإن قصدت بذلك: هل يشترط في الطلاق كونه مكتوبًا؟
فالجواب هو: أن ذلك ليس بلازم، فإذا تلفّظ الزوج بالطلاق، وقع الطلاق، ولو لم يكتب، ولكن توثيقه أفضل، وأقطع لأسباب النزاع.
وإن قصدت به معنى آخر، فيمكنكِ بيانه.
والله أعلم.