الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء.
وإن كنت غير قادر على السجود، فأومئ بسجودك، واجعله أخفض من الركوع، ولا تضع كرسيًّا، ولا طاولة لتسجد عليها، وقد روى البيهقي في سننه، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ مَرِيضًا، فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ، فَأَخَذَهَا، فَرَمَى بِهَا، فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: «صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ، إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَإِلَّا فَأَوْمِ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ».
وروى الطبراني في المعجم الكبير -وصححه الألباني- عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ مَرِيضًا، وَأَنَا مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى عُودٍ، فَوَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْعُودِ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، فَطَرَحَ الْعُودَ، وَأَخَذَ وِسَادَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهَا عَنْكَ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكِ».
وروى الطبراني في المعجم الأوسط، عن ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْجُدَ، فَلْيَسْجُدْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَلَا يَرْفَعْ إِلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ».
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَجَدَ عَلَى بَقِيَّتِهَا، وَقَرَّبَ الْعُضْوَ الْمَرِيضَ مِنْ الْأَرْضِ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ. وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ الْهُبُوطُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَفْعِ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ لِعَارِضٍ -مِنْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ-، سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَغَيْرُهُ تَبَعٌ لَهُ، فَإِذَا سَقَطَ الْأَصْلُ، سَقَطَ التَّبَع. اهــ.
والله أعلم.