الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن الواضح أنك مؤمن بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- مصدق بأن الله أرسله، وإنما الإشكال عندك في دليل عموم رسالته، فإذا كنت مصدقا بأنه رسول الله حقا، فإن برهان عموم رسالته هو إخباره بأن رسالته عامة للإنس والجن.
قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا {الأعراف:158}، وقال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا {سبأ:28}.
وفي الصحيحين قوله -صلوات الله عليه-: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة.
في دلائل كثيرة تدل على أن النبي -صلوات الله عليه- أخبر بأنه مرسل للثقلين الإنس والجن، وعلى هذا إجماع المسلمين، فإن كان هو صادقا في إخباره بأنه رسول من عند الله؛ تعين أن يكون صادقا في جميع ما أخبر به، ومن ذلك عموم رسالته.
أما أن يصدق الشخص بأنه نبي، ثم يشك في صدق خبره، فهذا تناقض.
وإن كان عندك إشكال في دلائل صدق نبوته -صلوات الله عليه-؛ فهذا مقام آخر، يمكن أن نبين لك فيه بالبرهان الذي لا يحتمل النقض أنه -صلوات الله عليه- خاتم النبيين، وأن الدلائل التي قامت على ذلك هي في متناول كل أحد؛ كالماء والهواء، فلا ينكرها إلا مكابر.
وراجع في هذا فصل دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم- من كتاب البداية لابن كثير، وراجع كذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر الجواب الصحيح.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخاطب عباد الأوثان من مشركي مكة فحسب، بل خاطب اليهود، والنصارى، والمجوس، وسائر أهل الملل، كما تنطق به آيات القرآن بكثرة لا تخفى على أحد.
ونحن حملة هذا الدين عن المسلمين الأوائل، فعلينا أن ننقله نقيا صافيا إلى جميع الناس، كما نقلوه هم إلينا.
والإسلام هو مجموع ما بعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- من عقيدة، وشريعة، فيشمل الإيمان بالله، ووجوده، وأسمائه، وصفاته، ويشمل توحيده سبحانه، وإفراده بالعبادة دون سواه، ويشمل كذلك امتثال أمره، واجتناب نهيه، واتباع الشريعة المحكمة التي بعث بها خاتم النبيين -صلوات الله عليه-.
والله أعلم.