الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للحاج أو المعتمر يجزئه التقصير بأقل من قدر الأنملة؛ لكن لا بد من التقصير من جميع الرأس، كما هو مذهب كثير من أهل العلم.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: وليس لأقل المجزئ من التقصير حد، بل يجزى منه أقل جزء منه؛ لأنه يسمى تقصيرا. ويستحب أن لا ينقص على قدر أنملة. والله أعلم. اهـ باختصار.
وقال ابن قدامة في المغني: يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره، وكذلك المرأة. نص عليه. وبه قال مالك. وعن أحمد، يجزئه البعض. مبنيا على المسح في الطهارة. وكذلك قال ابن حامد. وقال الشافعي: يجزئه التقصير من ثلاث شعرات. واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير؛ لتناول اللفظ له. ولنا، قول الله تعالى: {محلقين رءوسكم} [الفتح: 27]. وهذا عام في جميعه، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلق جميع رأسه. تفسيرا لمطلق الأمر به، فيجب الرجوع إليه، ولأنه نسك تعلق بالرأس فوجب استيعابه به، كالمسح... إلى أن قال: وأي قدر قصر منه أجزأه؛ لأن الأمر به مطلق، فيتناول الأقل. وقال أحمد: يقصر قدر الأنملة. وهو قول ابن عمر، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور. وهذا محمول على الاستحباب؛ لقول ابن عمر: وبأي شيء قصر الشعر أجزأه. اهـ.
وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: قال في التوضيح: قال مالك: ليس تقصير الرجل أن يأخذ من أطراف شعره، ولكن يجزه جزا، وليس مثل المرأة، فإن لم يجزه وأخذ منه فقد أخطأ ويجزئه. انتهى.
وفي الطراز قال مالك في الموازية: ليس لذلك عندنا حد معلوم، وما أخذ منه الرجل والمرأة أجزأ. انتهى.
وقال ابن عبد السلام: أقل ما يكفي من التقصير الأخذ من جميع الشعر طويله وقصيره. كذا نص عليه في الموازية، مع ما يصدق عليه اسم التقصير من غير اعتبار بأنملة أو أقل أو أكثر. انتهى. والله أعلم. اهـ كلام الحطاب.
لكن الحلق أفضل من التقصير بالنسبة للرجل.
قال النووي في المجموع: وقد أجمع العلماء على أن الحلق أفضل من التقصير. اهـ.
والله أعلم.