الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا؛ أنّ من قال إنّه حلف بالطلاق، ولم يكن حلف، ولكنه يكذب في خبره؛ فالراجح عندنا أنّه لا يصير حالفاً، ولا يقع الطلاق -ديانة- بفعل ما زعم أنه حلف على تركه. وهذا مذهب الحنابلة.
جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: فإن قال: حلفت بالطلاق. أو قال: علي يمين بالطلاق. ولم يكن حلف، لم يلزمه شيء فيما بينه وبين الله تعالى. ولزمه ما أقر به في الحكم. انتهى.
وأمّا أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
ففي المذهب الحنفي، جاء في الدر المختار، وحاشية ابن عابدين: .. رجل دعته جماعة إلى شرب الخمر، فقال: إني حلفت بالطلاق أني لا أشرب، وكان كاذبا فيه، ثم شرب، طلقت. وقال صاحب التحفة: لا تطلق ديانة. اهـ.
وما في التحفة لا يخالف ما قبله؛ لأن المراد طلقت قضاء فقط، لما مر من أنه لو أخبر بالطلاق كاذبا لا يقع ديانة؛ بخلاف الهازل. انتهى.
وفي المذهب المالكي، جاء في النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات:
فيمن قال حلفت بالطلاق أو بغيره .............. ثم قال إنما كنت كاذبا أو معتذرا ........
من المجموعة: قال ابن القاسم عن مالك، فيمن سئل عن شيء فقال عليه فيه يمين وهو كاذب، وإنما اعتذر: فلا شيء عليه، إلا في الطلاق والعتاق إن قامت عليه بينة.
قال عنه ابن وهب: وإذا جاء مستفتياً ولا بينة عليه، دُيِّن ولا شيء عليه في الفتيا............
قال ابن حبيب: ومن وجد امرأته قد خرجت فقال: لم خرجت، وقد كنت حلفت بطلاقك لا خرجت؟ ثم قال: ما حلفت وما قلت ذلك إلا تغليظا عليها، قال: لا شيء عليه في الفتيا، وأما في الحكم فيلزمه الطلاق.
وفي كتاب ابن المواز: ومن سئل في أمر فقال: علي فيه يمين بصدقة أو مشي، وهو لم يحلف وإنما أراد أن يعتذر فلا شيء عليه، قامت عليه بينة أو لم تقم إلا أن يقول حلفت بالطلاق، يريد والعتق فلا يلزمه في الفتيا، ويلزمه في القضاء. وكذلك روى عن ابن القاسم عن مالك في العتبية. انتهى.
ولم نقف على قول للشافعية في هذه المسألة.
والله أعلم.