الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن الشريعة قد جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يمكن أن يندفعا جميعا، وعليه، فإذا كان قصدكم من إقامة تلك الشبكة هو تقليل الشر والفساد قدر الإمكان وتحقق لكم ما قصدتم وكان في ترككم لإقامة هذه الشبكة فتح للباب أمام شبكات أخرى تنشر المحرمات والشر وتسعى في الفساد، فلا حرج عليكم في استمرار إقامة هذه الشبكة ولو استلزم ذلك بث بعض القنوات التي لا تخلو من محرمات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ... فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فالقليل من الخير خير من تركه، ودفع بعض الشر خير من تركه كله..
وأما الربح المستفاد من هذه الشبكة والزائد على رأس المال، فينظر فيه ويخرج منه قدر ما فيه من أجرة محرمة نظير بث المحرمات التي دعت الضرورة إلى بثها ويصرف في مصالح المسلمين، وما بقي فهو حلال طيب، وأما رأس المال الأصلي، فهو باق بحاله لا يخصم منه شيء.
واعلم أن ما ذكرناه من جواز بث بعض المحرم مقيد بما إذا دار الأمر بين أن يبث المحرم كله أو يبث بعضه، وعليه، فمتى كان بالإمكان الاستغناء عن شيء من المحرم، فإنه يجب الاستغناء عنه فورا.
والله أعلم.