الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحلق العانة سنة، قال النووي في المجموع: وأما حلق العانة فمتفق على أنه سنة أيضًا. اهـ.
وكذلك شعر الدبر، فإن حلقه مستحب؛ ففي حاشية الطحطاوي الحنفي على مراقي الفلاح: ويستحب إزالة شعر الدبر؛ خوفًا من أن يعلق به شيء من النجاسة الخارجة، فلا يتمكن من إزالته بالاستجمار. اهـ.
وقال النووي في المجموع: ولكن لا منع من حلق شعر الدبر، وأما استحبابه؛ فلم أرَ فيه شيئًا لمن يعتمد غير هذا، فإن قصد به التنظف، وسهولة الاستنجاء؛ فهو حسن محبوب. والله أعلم. اهـ.
ومن حيث الأصل؛ فليس هناك- فيما نعلم- شعر يجب حلقه.
لكن يكره ترك حلق العانة والإبط أكثر من أربعين يومًا، وقيل: يمنع ذلك؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه فيما رواه مسلم من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
قال الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار: المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز تجاوزها، ولا يعدّ مخالفًا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية. انتهى.
وقد بينا أقسام الشعر الموجود في بدن الإنسان، وحكم كل واحد منها، وذلك في الفتوى: 34840.
وإذا كنت لا تستطيع حلق شعر العانة، أو نحوها بنفسك، فإن كانت لك زوجة تستطيع القيام بذلك؛ فعندئذ يتعين عليك أن تجعلها تقوم بتلك المهمة.
وإن لم تكن لك زوجة، فيجوز لك الاستعانة بغيرك من الرجال مثلًا، فقد ذهب فقهاء الحنابلة إلى أن من لا يحسن إزالة شعر عورته بنفسه، جاز له أن يستعين بغيره في إزالتها، جاء في الإنصاف للمرداوي: من ابتلي بخدمة مريض، أو مريضة في وضوء، أو استنجاء، أو غيرها؛ فحكمه حكم الطبيب في النظر، والمسّ، نص عليه، وكذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته، نص عليه، وقاله أبو الوفاء، وأبو يعلى الصغير. اهـ.
وقال الشربيني الخطيب في مغني المحتاج: واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما. وأما عند الحاجة؛ فالنظر والمس مباحان؛ لحجامة، وعلاج -ولو في فرج-؛ للحاجة الملجئة إلى ذلك; لأن في التحريم حينئذ حرجًا. اهـ.
والله أعلم.