الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحاصل مذهب المالكية في رسم ما له ظلّ، وما لا ظل له؛ قد ذكره النفراوي المالكي في الفواكه الدواني نقلًا عن ابن رشد المالكي حيث قال: والحاصل -كما يؤخذ من كلام ابن رشد، وغيره- أن التماثيل على الثلاثة أقسام:
المحرم منها: ما كان على صورة حيوان كاملة، ولها ظل قائم، وحمل عليها ما ورد في الحديث من أن فاعل تلك الصورة يعذّب يوم القيامة، ويقال له: أحي ما خلقت.
والمباح: ما كان على صورة غير حيوان؛ كصورة الأشجار، والفواكه، والسحاب مما هو مصنوع لله، وليس حيوانًا.
والمكروه: ما ذكره المصنف من صور الحيوانات المرسومة في الأسرّة، والحيطان من كل ما كان غير ممتهن.
وأما التماثيل المرسومة في الأشياء الممتهنة؛ فلا كراهة فيها، ولكن تركها أولى، وهي الآتية في كلام المصنف. اهـ
أما رسم نساء متبرجات بلباس ضيق مع الزينة إلى آخر ما جاء في سؤالك؛ فهذا -وان كان داخلًا فيما لا ظل له-، لكنه يُمنع من وجه آخر، ما دام أنه وسيلة للفتنة، وإثارة الشهوة، ونحو ذلك من المفاسد؛ والوسيلة المباحة إن أفضت إلى ما لا يجوز؛ تكون غير جائزة.
وقد قال المالكية كثيرًا بسدّ الذرائع أكثر من غيرهم، كما قال القرافي في الذخيرة: فحاصل القضية أنا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرنا، لا أنها خاصة بنا. واعلم أن الذريعة كما يجب سدها، يجب فتحها، ويكره، ويندب، ويباح؛ فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة، والحج. اهـ.
وراجع المزيد في الفتوى: 313261، وهي بعنوان: "ذكر اختلاف العلماء في تحريم ما لا ظل له من الصور".
والله أعلم.