الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن كان منكما -أنت وأختك- دون سن الرشد؛ فإنه ليس له أن يقبض تلك الأموال التي تدفعها له الدولة، ولا أن يتصرف فيها؛ لأن الصغير لا ولاية له على ماله، بل الولاية لأبيه.
قال صاحب الروض المربع: وَوَلِيُّهُم، أي: وليُّ السفيهِ الذي بَلَغ سَفيها واستمرَّ، والصغيرِ، والمجنونِ، (حَالَ الحَجْرِ: الأَبُ) الرشيدُ العدلُ، ولو ظاهِرا؛ لكمالِ شَفقتِه. اهــ.
ولا يدفع لكما المال حتى تبلغا سن الرشد، والمقصود بسن الرشد في المال أن يمكنه التصرف في المال، فلا يُخدع غالبا، ولا يبذل ماله في حرام.
قال صاحب الروض في بيان الرشد الذي يزول به الحَجْر: وَالرُّشْدُ: الصَّلَاحُ فِي المَالِ؛ لقولِ ابنِ عباسٍ في قوله تعالى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا) أي: صلاحا في أموالهم، فعلى هذا يُدفَعُ إليه مالُه، وإن كان مُفسدا لدِينِه، ويُؤنَسُ رُشدُه (بِأَنْ يَتَصَرَّفَ مِرَارا فَلَا يُغْبَنُ غَبنا فاحِشا غَالِبا، وَلَا يَبْذُلُ مَالَهُ فِي حَرامٍ؛ كخمرٍ وآلاتِ لهوٍ، أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ؛ كغناءٍ ... لأنَّ مَن صَرَف مالَه في ذلك عُدَّ سَفيها، (وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ)، أي: إلى الصغيرِ (حَتَّى يُخْتَبَرَ)؛ ليُعلمَ رُشْدُه،(قَبْلَ بُلُوغِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ)؛ لقولِه تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى) الآية، والاختبارُ يَختصُّ بالمراهِقِ الذي يَعرِفُ المعاملةَ والمصلحةَ. اهــ.
ومن كان منكما قد بلغ سن الرشد، فإن له الحق في التصرف في ماله، ولا ولاية لأبيه عليه فيه.
وإذا كان هذا هو الواقع، فيمكنك أن تكلم أباك برفق وحكمة، وتخبره بحاجتك، وحاجة أختك للمال.
فإن استجاب، فبها ونعمت، وإلا فلا حرج عليكما لو أخذتما من مالكما دون علمه؛ لأنه ليس له الحق في الحجر عليكما، ولا خلاف بين العلماء أن البالغ الرشيد لا حجر عليه، ولو من أبيه.
وإذا علمتما أن الوالد ينفق تلك المنحة على حوائجكما، فلا تأخذا بدون إذنه.
ونسأل الله لنا ولكم الجنة، والنجاة من النار، وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.