الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نفتي به أن صاحب الحدث الدائم يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل، حتى يخرج ذلك الوقت، ولا تجب الموالاة بين الوضوء وبين الصلاة، وهو مذهب الحنابلة والحنفية، وتنظر الفتوى: 119395.
ولا حرج كذلك في العمل بمذهب المالكية، وهو أن الحدث الدائم لا ينقض الوضوء أصلا، فهو قول قوي متجه، كما بيناه في الفتوى: 141250.
وبهذا يزول ما عندك من إشكال -والحمد لله-
وأما الشافعية؛ فإنهم يوجبون الموالاة بين فعل الفرض والوضوء، فتتوضأ وتصلي مباشرة، إلا أنها إن أخرت لمصلحة الصلاة لم يضر.
جاء في مغني المحتاج للخطيب الشربيني: (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَتَوَضَّأُ) وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ، أَوْ بِبَدَلِهِ عَقِبَ الِاحْتِيَاطِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى، وَيَكُونُ ذَلِكَ (وَقْتَ الصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَلَا تَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْأَوْقَاتِ فِي بَابِهِ، فَيَجِيءُ هُنَا جَمِيعُ مَا سَبَقَ ثَمَّ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ، فَلَا تَتَوَضَّأُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ نَوَافِلَ بِوُضُوءٍ كَمَا قِيلَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ (وَ) بَعْدَ مَا ذُكِرَ (تُبَادِرُ بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ وُجُوبًا تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْهُ بِالْمُبَادَرَةِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ السَّلِيمِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ. أَمَّا غَيْرُ السَّلِيمِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا هُنَا (فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسَتْرٍ) لِعَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) وَاجْتِهَادٍ فِي قِبْلَةٍ وَذَهَابٍ إلَى مَسْجِدٍ وَتَحْصِيلِ سُتْرَةٍ (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ بِذَلِكَ مُقَصِّرَةً. انتهى.
والحاصل أنك -والحال ما ذكر- مصابة بالسلس كما بيناه في الفتوى: 136434، والواجب عليك هو الوضوء بعد دخول وقت الصلاة على ما نفتي به، ولا حرج عليك في العمل بقول المالكية، وعلى مذهب الشافعية؛ فإن غلق الباب ونحوه من الأفعال اليسيرة جدا لا يخل بالموالاة، وكذا ما كان لمصلحة الصلاة؛ كتحصيل سترة، واجتهاد في قبلة على ما مَرَّ.
والله أعلم.