الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الضرب منضبطًا بالكيفية التي أباحها الشرع -والتي سبق بيانها في الفتويين: 14123، 450334-؛ فإنه يشرع ضرب الأولاد بعد سن العاشرة، إذا ضيّعوا الصلاة.
وليس لذلك سن معين ينتهي إليه، ولكن المعتبر هو أثر الضرب، وكونه مجديًا ومؤديًا للمطلوب.
وقيّد بعض الفقهاء وجوب الضرب على الأب بعدم بلوغ الولد، كما سبق بيانه في الفتوى: 111590.
ومع ذلك؛ نؤكد أهميةَ تنوع أساليب دعوة الأولاد، وتحريضهم على صلاة الجماعة عمومًا، وصلاة الفجر خصوصًا؛ لما فيها من المشقة، ولا سيما في الليالي الباردة.
وينبغي أن يقدم الترغيب على الترهيب، ويبدأ بالتحفيز، والمكافأة قبل الوعيد بالعقوبة، ويكون الأصل في ذلك كله هو الاهتمام بغرس معاني الإيمان بالله، واليوم الآخر في نفوسهم، روى قوام السنة الأصبهاني في كتاب: "الترغيب والترهيب": أن فضيلًا سأل سفيان، فقال: يا أبا عبد الله، نضرب أولادنا على الصلاة؟ قال: بل أرشوهم. قال الفضيل: رحم الله أبا عبد الله، ما علمته إلا رفيقًا.
وهذا رواه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال": عن فضيل بن مرزوق، قال: قلت لسفيان: أضرب ولدي على الصلاة؟ قال: أرشه.
وعلّق على ذلك اللخمي في التبصرة، فقال: وهذا حسن لمن يقدر على ذلك، فإن كان ممن لا يقدر، أو لم يفعل بعد أن أُرْشِيَ؛ ضرب عليها. وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم حماية؛ لئلا يبلغ على التهاون بترك الصلاة، فأمر أن يُمَرَّن عليها، ولا يبلغ إلا وقد ألفتها طباعه. اهـ.
وتبعه على ذلك ابن الملقن في التوضيح، وكلاهما نسب إلى فضيل، وسفيان كراهة الضرب على الصلاة.
ونسأل الله تعالى أن يوفّق أولاد المسلمين لما يحب، ويرضى، وأن يأخذ بنواصيهم إلى البر، والتقوى، وأن يسلك بهم سبل الخير، والهدى، وأن يجنبهم مضلات الفتن، ما ظهر منها، وما بطن.
والله أعلم.