الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ورزقنا الله وإياك الإخلاص في القول والعمل، ووفقنا لخدمة دينه، ونشر العلم، والعمل به.
ونهنئك على ما أنعم الله به عليك من نعمة التوبة والرجوع إليه، فهذه نعمة عظيمة تستوجب الشكر، وبالشكر تزداد النعم، ويتتابع الفضل، قال تبارك وتعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم:7}، ومن أفضل ما تشكر به هذه النعمة الحرص على الوسائل المعينة على الثبات؛ كالعلم النافع والعمل الصالح وحضور مجلس الخير وصحبة الصالحات. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 15219.
واعلمي أن الأصل بقاء المسلم على الإسلام، فإذا كان هذا هو الثابت بيقين فلا يحكم بكفره وخروجه من الملة إلا بيقين مثله، فلا يجوز للمسلم أن يحكم على نفسه بالكفر أو أن يحكم على الآخرين به بمجرد الظن، ومن القواعد الكلية في هذا الباب ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:من ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. اهـ.
وقال أيضا: يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا، فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام، فكفر أهلها المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم. اهـ.
وعلى تقدير أنك قد وقعت في شيء من الكفر فباب التوبة مفتوح، ومغفرة الله عز وجل لا يعظم معها ذنب كفرا كان أم غيره، قال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
والتوبة العامة كافية، فلا يلزم أن يعين المسلم الذنوب التي تاب منها. قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فمن تاب توبة عامة كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها وإن لم يستحضر أعيان الذنوب؛ إلا أن يعارض هذا العام معارض يوجب التخصيص مثل أن يكون بعض الذنوب لو استحضره لم يتب منه لقوة إرادته إياه، أو لاعتقاده أنه حسن ليس بقبيح. اهـ.
وأنت -ولله الحمد- تكرهين الكفر، وتخافين سوء عاقبته، وهذا دليل إيمان، فاجتنبي الوساوس، وأقبلي على ربك بالطاعة، وعمل الصالحات، ولا تجعلي سبيلا للوساوس لمنعك من الخير.
ولست مكلفة بالبحث عما إن كنت قد نطقت سابقا بالكفر أم لا، فهذا من كيد الشيطان فإن انتابك شيء من ذلك فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم.
والله أعلم.