الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمقصود -والله أعلم- أنّ من حلف بالطلاق على نفي شيء ماض؛ بناءً على ظنّه، ثمّ بان بخلاف ظنه؛ وكان قصده أنّ حقيقة الأمر هكذا؛ ففي وقوع طلاقه عند الشافعية قولان: أحدهما: الوقوع، والقول الآخر: عدم الوقوع؛ وهو قول الإسنوي، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: أما لو حلف على نفي شيء وقع جاهلًا به، أو ناسيًا له، كما لو حلف أن زيدًا ليس في الدار وكان فيها ولم يعلم به، أو علم ونسي؛ فإن قصد بحلفه أن الأمر كذلك في ظنه، أو فيما انتهى إليه علمه، أي: لم يعلم خلافه، ولم يقصد أن الأمر كذلك في الحقيقة، لم يحنث؛ لأنه إنما حلف على معتقده.
وإن قصد أن الأمر كذلك في نفس الأمر، أو أطلق، ففي الحنث قولان: رجّح منهما ابن الصلاح، وغيره الحنث، وصوّبه الزركشي؛ لأنه غير معذور؛ إذ لا حثّ، ولا منع، بل تحقيق؛ فكان عليه أن يتثبّت قبل الحلف بخلافه في التعليق بالمستقبل. ورجّح الإسنوي، وغيره أخذًا من كلام الأصل عدم الحنث، وهو الأوجه. انتهى.
وقال الإسنوي في المهمات في شرح الروضة والرافعي: إذا حلف معتقدًا أنه ذلك الشيء، وليس هو إياه، يكون جاهلًا، والأصح أن الجاهل لا يحنث. انتهى.
والله أعلم.