كيفية التعامل مع القريب الفاحش

28-3-2022 | إسلام ويب

السؤال:
اعتُدي على أحد أقاربي، وكان صغيرا قبل التمييز، وكان المعتدي مميِّزا ، والاعتداء بفعل قوم لوط، وأصابه بذلك الهمَّ، والغمَّ، والضرر النفسي يوميا، كلما تذكر أقاربه، وما حصل منهم.
وقطيعته لهم أسكن لنفسه، وأفضل لصحته، ولولا إيمانه بالقضاء والقدر، لكانت حالته أشد مما هو عليه الآن.
سؤاله:
1- هل هو آثم بالقطيعة؟ علمًا أنه يزداد همًّا، وغمًّا، وضررا نفسيا بالغا، وحقدا بالصلة.
2- هل هو مأجور على هذا الهمّ والغمّ؟
3- هل يجوز له الدعاء عليه؟
4- هل يصح أن يقال: إن الله جعل هذا القريب الصغير المميِّز سببا يبتليه به، ومن شدة الابتلاء أنه قريب له، ومن عِظم البلاء أنه غير مكلَّف، فيَظلِم، ولا يُحاسَب عند الله؟
أرجو إجابة دقيقة. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإننا أوَّلًا: ننصح هذا الشخص بالاجتهاد في تناسي هذا الأمر، والاستعانة بالله -عز وجل- في ذلك، خاصة وأنه قد حدث معه وهو في الصغر، وعدم التكليف، وأنه لا إثم عليه في ذلك.

وعليه أن لا يترك بابا للشيطان يذكره بهذا الأمر؛ ليدخل عليه الهموم والأحزان، فإن ذلك مما يُفرح الشيطان، فليعمل هو على إغاظته بطرد هذه الهواجس والخواطر.

وإذا كان هؤلاء الأقرباء الذين يتأذى برؤيتهم من ذوي رحمه؛ فلا يجوز له قطيعتهم، فقطيعة الرحم محرمة، ولكن يجوز له أن يبتعد عنهم من الوجه الذي يصيبه منه الأذى، ويصلهم بوسائل الصلة الأخرى، فكل ما يعد عرفا صلة، فهو صلة كما قال العلماء. 

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة، والسلام، وغير ذلك. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع ‏الضر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما ‏يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في ‏وعظهم، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى‏. اهـ.

وكل بلاء يصيب المؤمن فإن فيه كفارة للسيئات، ورفعة للدرجات. روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة -رضي الله عنهما-:عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا همٍّ، ولا حزن، ولا أذى، ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه.

وروى ابن حبان في صحيحه عن أَبُي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم-: إِنَّ الرَّجُلَ لَتَكُونُ لَهُ عِنْدَ الله الْمَنْزِلَةُ، فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ، فَمَا يَزَالُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يَبْلُغَهُ إِيَّاهَا

 ولا يجوز الدعاء على هذا الفاعل إذا كان الحال ما ذكر من أنه لم يكن مكلفا عند قيامه بذلك؛ لأن غير المكلف لا مؤاخذة عليه شرعا.

  ولا شك في أن حدوث هذا الفعل من القريب يكون أشد إيلاما على النفس، كما أن تذكره لكون الفاعل لم يكن مكلفا، وأنه لن يحاسب على سوء فعلته يؤلمه أيضا، ولكن كما سبق وبينا أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، فينبغي له أن يتسلى بذلك، وأن يعرض عن هذه الخواطر؛ كما أسلفنا.

ولا ينبغي للمسلم أن يتمنى أن يعذَّب مسلم بسببه. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: قال أبو عبد الله: وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك. اهـ. وأبو عبد الله هو الإمام أحمد بن حنبل. ولذلك كان العفو أفضل.

والله أعلم.

www.islamweb.net