الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنذر المعلّق يجب الوفاء به، إذا حصل المعلق عليه، ولا يمكن التحلّل منه إلا في حال العجز عنه، وانظر الفتاوى: 106064، 41844، 24189.
وأما النذر بكل ما يملك الناذر؛ ففي حكمه خلاف بين أهل العلم، ومذهب المالكية، والحنابلة أنه يجزئه الثلث، وراجع في ذلك الفتوى: 184095.
وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال -كما في الفتاوى الكبرى-: ألا ترى أن السنة قد جاءت فيمن نذر الصدقة بجميع ماله أنه يجزيه الثلث، أقام في النذر الثلث مقام الجميع، كما أقيم مقامه في الوصية، وغيرها؛ لما في إخراج الجميع من الضرر. اهـ.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: قول كعب: «يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي»، دليل على استحباب الصدقة عند التوبة بما قدر عليه من المال ... وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك؛ فهو خير لك»، دليل على أن من نذر الصدقة بكل ماله، لم يلزمه إخراج جميعه، بل يجوز له أن يبقي له منه بقية. اهـ.
ثم فصَّل في المسألة، وذكر ما فيها من الأقوال، وقال: وعلى هذا؛ فمن نذر الصدقة بماله كله، أمسك منه ما يحتاج إليه هو وأهله، ولا يحتاجون معه إلى سؤال الناس مدة حياتهم من رأس مال، أو عقار، أو أرض يقوم مغلها بكفايتهم، وتصدّق بالباقي. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 351871.
والله أعلم.