الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس المقصود بالحديث المذكور أنّ من لم يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه؛ يكون كافرًا -والعياذ بالله-، ولكن المقصود -والله أعلم- أنّه لا يكون تامّ الإيمان بالغًا فيه الدرجة العالية، فقد جاء في شرح المشكاة للطيبي: قالوا: لا يؤمن الإيمان التام، وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة.
والمراد: يحب لأخيه من الطاعات، والمباحات، يدلّ عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث: (حتى يحب لأخيه من الخير)؛ إذ معناه: لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه. والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها، وذلك سهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل. انتهى.
وزواج المرأة من رجل متزوج؛ لا إثم فيه، وليس ظلمًا لزوجته الأخرى، وراجعي الفتوى: 133540.
وننبهك إلى أنّ ما يحصل بين النساء والرجال الأجانب من علاقات يسمونها: حبًّا؛ فهي باب شر، وفساد، وما يحصل من تبادل كلام الحب، والغزل، ونحوه؛ فهو محرم، غير جائز، بل نص بعض الفقهاء على المنع من مكالمة الأجنبية دون حاجة، ولو لم يكن فيه غزل، قال الخادمي -رحمه الله- في كتابه: بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة. انتهى.
ومن وقع في قلبه حبّ امرأة أجنبية؛ فليس له أن يبادلها الكلام، أو المراسلة، ولكن الطريق المشروع هو التقدّم لأهلها لطلبها للزواج.
فإن لم يتيسر لهما الزواج؛ فعليهما أن ينصرفا عن هذا التعلّق، ويسعى كل منهما ليعفّ نفسه بالزواج، ويشغل وقته بما ينفعه في آخرته، ودنياه.
فاتقي الله، وقفي عند حدوده، واقطعي علاقتك بهذا الرجل.
وإذا تقدّم للزواج منك، وكان مَرْضِيّ الدِّين والخُلُق؛ فتشاوري مع العقلاء من الأهل، واستخيري الله في قبوله.
والله أعلم.