الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالخوف من سوء الخاتمة، وأن يفتن الإنسان عند الموت؛ أمر حسن.
قال ابن القيم في الجواب الكافي: وَلَقَدْ قَطَعَ خَوْفُ الْخَاتِمَةِ ظُهُورَ الْمُتَّقِينَ، وَكَأَنَّ الْمُسِيئِينَ الظَّالِمِينَ قَدْ أَخَذُوا تَوْقِيعًا بِالْأَمَانِ. انتهى.
لكن لا بد أن يكون خوفا صحيا مثمرا، لا خوفا مرضيا مقعدا، وذلك بأن يجتهد الإنسان في الإخلاص لله تعالى، وتصفية سريرته، ويحسن عمله ما أمكن؛ فإن العادة أن الشخص يموت على ما عاش عليه.
فالله تعالى حكم عدل، ويمتنع في حكمته أن يخذل من أقبل عليه، وقضى حياته مخلصا له، ويمكن منه شيطانه عند الموت.
ولذا؛ فإن أعظم السبل لتوقي فتنة الممات تعليق القلب بالله تعالى، وإحسان الظن به، وسؤاله حسن الخاتمة، واللجأ إليه سبحانه في التثبيت على الحق؛ فإنه وحده هو من يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. والإكثار من ذكر الله تعالى؛ فإن الغافلين أكثر الناس تخبطا عند الموت، وما أسهل أن يتسلط عليهم الشيطان.
فأكثر ذكر الله، والزم طاعته، وأحسن الظن به، وادعه كثيرا أن يجنبك فتنة المحيا والممات، وأيقن بأن سنته الجارية في خلقه أن يتوفى العبد على ما عاش عليه.
يقول ابن القيم في طريق الهجرتين: وقد حكي عن جماعة كثيرة ممن أدركه الأجل وهو حريص طالب للقرآن، أَنه رؤى بعد موته وأخبر أنه في تكميل مطلوبه، وأنه يتعلم فى البرزخ، فإِن العبد يموت على ما عاش عليه. انتهى.
فنسأل الله أن يتوفانا وهو راض عنا، وأن يقينا فتنة المحيا والممات.
والله أعلم.