الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في ولي الكتابية: هل يصح أن يوكّل مسلمًا في تزويجها أم لا؟ على قولين، ذكرناهما في الفتوى: 126943، ورجحنا المنع وهو قول المالكية، والحنابلة.
وعلى هذا؛ فلا يصحّ أن يوكّل وليّ تلك المرأة الكتابيةِ إمامَ المسجد، ولا غيره من المسلمين في تزويجها، بل يتولّى هو تزويجها، فيقدم إلى البلد التي هي فيه، أو يوكّل كتابيًا على دِينه في البلد التي هي فيه؛ فيُزَوِّجُها.
وأما الصيغة التي يقولها وكيل الولي -سواء كان على دِينه، أم مسلمًا على القول بصحة توكيله، كما هو قول الشافعية-، فيكفي أن يقول للزوج: (زوّجتك فلانة بنت فلان)، جاء في أسنى المطالب: وَلْيَقُلْ (الْوَكِيلُ) أَيْ: وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك فُلَانَةَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ: بِنْتَ فُلَانٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا. اهــ.
وفي إعانة الطالبين: فيقول وكيل الولي للزوج: زوّجتك فلانة بنت فلان ابن فلان، ثم يقول: موكلي، أو وكالة عنه -إن جهل الزوج، أو الشاهدان وكالته-، وإلا لم يشترط ذلك. اهــ.
ولا بد من تعيين الوكيل، وأن يعرف الوكيل موكّله من هو، جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي في باب الوكالة: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ تَعْيِينُ الْوَكِيلِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَغَيْرُهُمْ... وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: لَوْ وَكَّلَ زَيْدًا، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ؛ لَمْ تَصِحَّ. اهــ.
والله أعلم.