الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالضرورات تبيح المحظورات القطعية منها والظنية، كما قال تعالى في حكم أكل الميتة عند الضرورة يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (الأنعام: من الآية3)، ولا شك أن تحريم أكل الميتة قطعي الثبوت والدلالة، وأما حكم التعامل بالربا ومنه الاقتراض بفائدة من البنوك الربوية أو غيرها فحرام، وهو الربا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكله وموكله، كما في صحيح مسلم من حديث جابر، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، فلا يحل الاقتراض بفائدة إلا في حالة الضرورة، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل عادة، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 6501.
أما القول بأن البنك الربوي يرادف بيت مال المسلمين، فقول باطل وكلام ساقط، لا يقوم على برهان، فما في بيت مال المسلمين إنما هو أموال الزكوات والصدقات والفيء والغنائم والهبات ونحو ذلك، وهو ملك لجميع المسلمين، وأما البنك فهو أموال يملكها أشخاص معينون من الأعضاء المؤسسين وأصحاب الودائع، ويقوم البنك على الربا قرضاً واقتراضاً، فهي أموال خبيثة يحارب بها الله، كما قال الله تعالى في المرابين: إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (البقرة: من الآية279)، وإذا فرض أن قام البنك الربوي بعمل مشروع خيري فلا يعني هذا أنه زال عنه اسم الربا، أو أنه يجوز التعامل معه لذلك.
والله أعلم.