الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نص الفقهاء على أن الجنون من العيوب التي يفسخ بها النكاح، ففي المدونة عن ابن القاسم قال: قلت: أرأيت إن تزوج امرأة فأصابها معيبة، من أي العيوب يردها في قول مالك؟ قال: قال مالك: يردها من الجنون والجذام والبرص والعيب الذي في الفرج. انتهى. وذلك لأن هذه العيوب يفوت بها المقصود من النكاح، قال ابن قدامة في المغني: فإن قيل: فالجنون والجذام والبرص لا يمنع الوطء، قلنا: بل يمنعه، فإن ذلك يوجب نفرة تمنع قربانه بالكلية ومسه، ويخاف منه التعدي على نفسه ونسله، والمجنون يخاف منه الجناية، فصار كالمانع الحسي. انتهى.
ولا يعتبر هذا العيب في الفسخ إذا علم به الزوج وقت العقد ورضي به ،قال ابن قدامة: إذا علم بالعيب وقت العقد أو بعده ثم وجد منه رضاً أو دلالة عليه، كالدخول بالمرأة أو تمكينها إياه من الوطء، لم يثبت له الفسخ، لأنه رضي بإسقاط حقه فسقط. انتهى.
وإذا وقع الفسخ بعد الدخول بالمرأة كان لها المهر كاملاً، ويضمن الولي الصداق، قال ابن قدامة: الفسخ إذا كان بعد الدخول فلها المهر، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالدخول. انتهى.
وقال في موضع آخر: يرجع بالمهر على من غره، وهو الولي، وذكر عن الإمام أحمد أنه قال: ملت إلى قول عمر رضي الله عنه: إذا تزوجها فرأى جذاماً أو برصاً فإنها لها المهر بمسيسه إياها ووليها ضامن للصداق.
إذا ثبت هذا فإن كانت زوجتك قد وصل بها الحال إلى فقدان العقل والوعي كما ذكرت فإن لك الخيار في إمضاء هذا الزواج أو طلب الفسخ، ومطالبة الولي بالصداق، فإن لم يستجب لذلك فارفع أمرك إلى المحكمة الشرعية، ولكن ننبه إلى أن هذه المرأة إن كانت قد شفيت من هذا المرض، فالأولى السعي إلى إقناعها وإقناع أهلها بإرجاعها إلى بيت زوجها، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فلك أن لا تطلقها حتى تفتدي بشيء من المال، وهو الخلع، وراجع الجواب رقم:3200، والجواب رقم: 3875، والجواب رقم: 8649.
والله أعلم.