الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين ما ذكر، وقد وردت النصوص بالأمر بسؤال الله الحوائج، حتى شسع النعل، إذا انقطع، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر، وأما الإجمال في الطلب: فمعناه: أن تطلب الرزق طلباً جميلاً، فتطلبه من حله، بدون حرصٍ، ولا تهافتٍ، وليس معناه ـ كما فهمته ـ أن تسأل سؤالاً مجملاً، غير مفصلٍ.
قال المناوي في شرح قوله: وأجملوا في الطلب: فاتقوا الله ـ أي ثقوا بضمانه، لكنه أمرنا تعبداً بطلبه من حله، فلهذا قال: وأجملوا في الطلب ـ بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة، بغير كدٍ، ولا حرصٍ، ولا تهافتٍ على الحرام، والشبهات. انتهى.
وقال القاري: وَأَجْمِلُوا ـ أَيْ: مِنَ الْإِجْمَالِ، أَيْ: وَأَحْسِنُوا: فِي الطَّلَبِ ـ أَيْ: فِي تَحْصِيلِ الرِّزْقِ، وَلَا تُبَالِغُوا فِي طَلَبِهِ، فَإِنَّكُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِطَلَبِ الرِّزْقِ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {الذاريات: 56 - 58} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى {طه: 132} فَالْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ، أَوِ الْمَعْنَى: اطْلُبُوا مِنَ الْحَلَالِ، فَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. انتهى.
وإذا علمت أن الأمر بالإجمال معناه: الإحسان في الطلب ـ وليس كما توهمته في معناه ـ زال عنك الإشكال، والحمد لله.
والله أعلم.