الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمذهب جمهور العلماء أن الولي شرط في صحة النكاح، فإذا حصل نكاح بغير ولي فهو باطل، وذهب أبو حنيفة إلى أن الولي ليس بشرط، وأن المرأة إذا زوجت نفسها فنكاحها صحيح، ولكن لوليها أن يفسخ العقد إذا كان الزوج غير كفؤ، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتويين التاليتين: 40654، 7704 .
والراجح الذي تعضده الأدلة هو مذهب الجمهور، لكن إذا حصل أن زوجت المرأة نفسها عاملة ومقلدة لمذهب أبي حنيفة وكان الزوج كفؤا، أو أجاز هذا النكاح وليها، فلا نستطيع أن نقول إنه يجب عليهما الفراق، لكن الأحوط هو إعادة العقد حتى يكون صحيحا بإجماع، هذا كله إذا تم العقد بغير التلفون، أما إذا كان بالتلفون، فإنه باطل، لأن الشهود لا بد أن يشاهدوا طرفي العقد عند العقد، وهذا غير موجود في العقد بالتلفون، وعليه، فعقدكم الذي حصل عبر التلفون باطل، وإذا حصل أن عقد وليها عليها عقدا آخر بعد هذا العقد، فإن العقد الآخر هو الذي يمضي، فهذه المرأة الآن زوجة للرجل الآخر الذي عقد له وليها، فإذا أرادت فراقه، فلا بد من طلاق أو خلع. وما ذكره السائل من ملابسات لا تغير من الحكم شيئا، وذلك مثل علم الله في الأزل بحب فلان لفلانة، وكذا الرغبة بينهما في الزواج، وكذا اتفاق الاثنين وعدم وجود الخلاف بينهما... الخ.
وأما عن زواج السيدة زينب رضي الله عنها، فإن الذي زوجها للرسول هو الله جل جلاله بوحي من السماء، فأين ما نحن فيه من ذلك؟!
وعليه، فالواجب الآن هو التالي:
أولا: على هذا الرجل وعلى هذه المرأة أن يقطعا العلاقة التي بينهما فورا، ومن ذلك تبادل كلمات الحب عبر الهاتف.
ثانيا: إذا لم تكن المرأة راغبة في الزواج بالرجل الذي زوجها منه وليها فلتحاول إقناع والدها بعدم رغبتها، وتطلب الطلاق أو الخلع، فإذا تم الفراق فلتحاول إقناع والدها بالزواج من الرجل الآخر، فإذا اقتنع فذاك، وإن لم يقتنع وكان الرجل مرضيا في دينه وخلقه، فلها أن ترفع أمرها إلى الحاكم ليزوجها به، والأفضل لها أن تطيع أباها ما لم يعلم أن عمله كان عن تعنت، ولتتذكر قول الله تعالى: [وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ] (النساء: 130). نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير، إنه عليم خبير.
والله أعلم.