الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحياة الزوجية ينبغي أن تبنى على الود والمحبة والرحمة والتفاهم والتغاضي، قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]، وقد تضمن سؤالك عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بمكث زوجك عند زوجته الأخرى أكثر مما يمكث عندك، وهذا إنما يكون ظلماً إذا كنت موجودة في البيت، أما وقد خرجت لحاجتك وعملك فإن له أن يذهب إلى الأخرى، ولكن لا يجوز له البقاء عند الأخرى في حصتك ما دمت في البيت ولو كنت تجهزين الطعام.
الأمر الثاني: أن الراتب الذي تتقاضينه هو مال لك فلا يجوز لزوجك أن يأخذ منه شيئاً إلا بإذنك، فضلاً عن أن يأخذ منه شيئاً لزوجته الأخرى، فضلاً عن أن ينفق على الأخرى منه أكثر مما ينفق عليك، واعلمي أن النفقة عليك وعلى زوجته الأخرى واجبة عليه في ماله ولا يلزمك من ذلك شيء، لكن عليك أن تعلمي أيضاً أن من حق زوجك أن يمنعك من العمل إن أراد، وله أن يصالحك على أن تدفعي له شيئاً من الراتب مقابل السماح لك بالعمل، وهذا كله ما لم تكوني قد اشترطت عليه عند العقد الاستمرار في العمل.
الأمر الثالث: ما يتعلق بالجماع حيث لا يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في الجماع، لكن بشرط ألا يتعمد ذلك وألا يكون قصده الإضرار بالتي لا يجامعها، ولكن ينبغي للزوج أن يعدل بين زوجاته في ذلك، وينبغي للمرأة أن تكون ذكية وتعرف كيف ترغب زوجها في جماعها، وأما المبيت فالعدل فيه واجب.
والذي ننصحك به وزوجك هو أن تجلسا جلسة ودية تتفاهمان فيها على ما ينبغي فعله وتصلحان ذات بينكما، وألا يكون كل طرف حريصاً على استيفاء حقه بالكامل، بل لا بد من التسامح والتغاضي والعفو والصفح ولا يعني ذلك الظلم التعدي والإهمال، وجماع الأمر أن يقوم البيت على المودة والرحمة والتفاهم لا على تتبع العثرات والزلات.
ولنا نصيحة للزوج بالخصوص، فنقول له: لا تجعل قدرتك على زوجتك سبباً لابتزازها في أموالها، بل يجب عليك أن تنفق عليها وعلى نفسك وزوجتك الأخرى، فإن القيام بالنفقة سبب رئيس في كون الرجال قوامين على النساء، قال الله تعالى:الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]، نسأل الله أن يصلح ذات بينكم وأن يصلح حالكم.
والله أعلم.