الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق تفصيل القول في حكم هجر الزوجة لزوجها، وأنه يُمنع إن كان بغير وجه حق، ويباح إن كان بوجه حق في قول بعض أهل العلم، كأن يمنعها حقّها في الفراش، أو النفقة، ونحو ذلك، ويمكنك مطالعة الفتوى: 255364.
وهذه الأمور المذكورة من تصّرفاته، والمتعلقة بالزوجة تتنافى مع ما هو مأمور به من حسن عشرة الزوج زوجته، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وهذه جملة جامعة تتضمن كثيرًا من المعاني الحسنة، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقّها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. انتهى.
وكذلك الحال بالنسبة لما يتعلق بأولاده من عدم جلوسه معهم حيث أمكنه ذلك؛ فإنه ينافي ما جاء به الشرع من حسن تعامله معهم؛ فهم داخلون في الحديث الذي رواه الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. قال المناوي في فيض القدير: (خيركم) أي: من خيركم (خيركم لأهله) أي: لعياله، وأقاربه. انتهى.
ومن حسن العشرة أيضًا أن يعامل أهل زوجته بالمعروف؛ فهم أصهاره، وهذه من الأواصر التي امتن الله عز وجل بها على عباده، فقال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}.
ولكن ليس شيء من ذلك كله يسوّغ للزوجة هجر زوجها من أجله.
وننصح بأن تتفاهم المرأة مع زوجها باللطف، واللين، وتجتهد في سبيل إقناعه بما تبتغي منه من التعامل الحسن معها، أو مع أولادها، أو مع أهلها، وأن تستعين عليه ببعض المقربين إليه، إن احتاجت لذلك.
والله أعلم.