الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن عذاب القبر ونعيمه ثابت بالكتاب، والأحاديث المتواترة، واتفق على إثباته واعتقاده والإيمان به أهل السنة والجماعة، وانظر الفتويين: 2112، 58302.
وأهم من السؤال عن كفارة اليمين هو الدعوة إلى التوبة إلى الله من الخوض في دينه بجهل، والقول عليه -سبحانه- بغير علم، فذلك من أكبر الكبائر. قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين عن رب العالمين: فرتب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه. اهـ.
واما سؤالك عن كفارة تلك اليمين: فالظاهر أنه لا كفارة فيها؛ سواء قصد أمرا ماضيا -كعدم إخبار الشرع بعذاب القبر- ، وكذلك إذا قصد أمرا مستقبلا؛ كما رجحه ابن تيمية.
جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني: (ولوجوب الكفارة) باليمين (أربعة شروط): (أحدها ... كونها)، أي: اليمين (على مستقبل ممكن) ليتأتى بره وحنثه، بخلاف الماضي وغير الممكن (فلا تنعقد) اليمين بحلف (على ماض كاذبا جاهلا) صدق نفسه (أو ظانا صدق نفسه) فيبين بخلافه، فلا يلزمه كفارة، حكاه ابن عبد البر إجماعا (أو كاذبا عالما بكذبه، وهي) اليمين على ماض (الغموس) سميت غموسا (لغمسه)، أي: الحالف بها (في الإثم ثم في النار)، أي: لترتب ذلك عليها (وعن الشيخ) تقي الدين (أو حلف على مستقبل ظانا صدق نفسه، فتبين بخلافه) فلا تنعقد يمينه (وكحلف عليه)، أي: على غيره (يظن أنه يطيعه فلم يفعل) فلا كفارة فيهما؛ لأنه لغو. قال تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [البقرة 225] والمذهب خلافه. اهـ.
والله أعلم.