الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي أولادك، ويصلحهم، ويجعلهم بررة بوالديهم، وأن يلهمك رشدك، ويهديك إلى السبيل الأرشد في التعامل معهم.
واعلمي أنّ الأصلّ وجوب صلة الأولاد، وحرمة قطعهم فوق ثلاثة أيام، إلا إذا كان قطعهم لمصلحة تأديبهم، وإصلاحهم؛ ففي هذه الحال يجوز القطع، ولو زاد عن ثلاثة أيامٍ، قال الخطابي - رحمه الله - في معالم السنن: فأما هجران الوالد الولد، والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما؛ فلا يضيق أكثر من ثلاثٍ، وقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا. انتهى.
فمسألة هجر الأولاد العاصين تخضع للمصلحة المرجوّة من الهجر، والغالب - والله أعلم - أنّ الصلة، والإحسان، مع مداومة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي في الاستصلاح؛ أولى، وأنفع من الهجر، والزجر.
فوصيتنا لك أن تجتهدي في استصلاح أولادك، وتبذلي جهدك، ولا تتعجّلي ثماره، ولا تيأسي، والتمسي تدخّل بعض الصالحين -من الأقارب، أو غيرهم- ممن تظنين أنّ الأولاد يقبلون منهم النصيحة، لعل الله يجعلهم سببًا لهدايتهم، واستعيني بالله تعالى، وافزعي إليه، وتضرّعي له، وألحّي في الدعاء لهم بالهداية؛ فدعوة الوالد لولده مستجابة.
والله أعلم.