الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبيع الذهب وشراؤه بالنقود، يشترط فيه قبض البدلين في مجلس العقد، جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة، والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم: 38 ـ المتعلّق بشأن التعاملات المالية بالإنترنت ص: 962: يجب التحقّق من حصول القبض الفوريّ حقيقةً، أو حكمًا، في مجلس العقد للبدلين في بيع العملات، والذهب، والفضة، وما يجب فيه التقابض. اهـ.
وجاء في المعيار رقم: 18 ـ المتعلق بالقبض ص: 489: ﺍﻟﺘﻘﺎﺑﺾ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻁ في ﻋﻘﺪ ﺍﻟﺼﺮﻑ ـ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ، ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ـ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ، ﻭﺍﻟﺘﺴﻠّﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻌﻘﺪ: ﻳدًﺍ ﺑﻴﺪ. اهـ.
والتقابض إما حقيقيّ، وإما حكميّ.
والحكميّ يكون بفرز الذهب، وتعيينه، وتمكين المشتري من التصرّف فيه، كما جاء في المعيار رقم: 57 ـ المتعلّق بالذهب، وضوابط التعامل به، ص: 1332: يشترط لبيع سبائك الذهب بالنقود قبض البدلين في مجلس العقد، ويتحقّق قبض المشتري للسبيكة بقبض عَينِها بنفسه، أو عن طريق وكيله، قبضًا حقيقيًّا، أو حكميًّا.
ويتحقّق القبض الحكميّ بتعيين السبيكة، وتمكين المشتري من التصرّف بها، أو بقبض شهادة تمثّل ملك سبيكة معينة، ومميزة عن غيرها بأرقام للسبيكة، ونحوها من العلامات المميزة لها عن غيرها، على أن تكون الشهادة صادرة في يوم إنشاء التعاقد من جهات معتبرة قانونًا، وعُرفًا، تُخوّل المشتري قبض السبيكة المشتراة قبضًا حسيًّا متى ما شاء.
وعليه؛ فلا يجوز بيع سبيكة غير معينة، ودون قبض حقيقيّ، ومن ذلك ما اصطلح عليه في عرف السوق بـ: unallocated. اهـ. وراجع الفتاوى: 407962، 426058، 443071.
وأما غير الربويات من السلعة المباحة -كالغاز، والنفط-، فلا يشترط التقابض في بيعها، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: ويَحِلّ نَساء، أي: تأخير في بيع مكيل بموزون، كَبُرٍّ بِسُكَّرٍ؛ لأنهما لم يجتمعا في علة ربا الفضل، أشبه بيع غير الربوي بغيره، ويحلّ نَساء فيما لا يدخله ربا فضل، كثيابٍ بثيابٍ، أو نقد، أو غيره، وحيوان بحيوان، أو غيره، وتِبن بتِبن، أو غيره؛ لحديث ابن عمر أنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ على قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة. رواه أحمد، والدارقطنيّ، وصححه. اهـ.
والله أعلم.