الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له. رواه الترمذي، وقال هذا حديث حسن.
وإنما كان هذا الوعيد في حق من فعل ذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم، وجماع كل فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحه. انتهى من فيض القدير.
واختلاق القصص الخيالية الفكاهية داخل في حد الكذب، إذ الكذب الإخبار بخلاف الواقع، فالمؤلف لهذه القصص يزعم أنه قد حدث كذا وكذا، والواقع أنه لم يحدث مما أخبر به شيء، فيصدق عليه أنه كاذب.
وقد أجمع العلماء على حرمة الكذب من حيث الأصل، وإنما قلنا من حيث الأصل لأن الكذب تعتريه الأحكام الشرعية الخمسة، فقد يكون واجباً وهو ما كان لانقاذ نفس معصومة، وقد يكون مندوبا ومباحا.... إلخ باختلاف المقاصد والمصالح.
إلا أن إضحاك الناس بالكذب وإن كان يعتبره البعض مصلحة لكنها مصلحة ملغاة شرعاً، للحديث المتقدم، والحقيقة أن المصلحة التي ألغاها الشارع ليست مصلحة وإن توهمت كذلك، هذا كله في الكذب لإضحاك الناس، أما تأليف القصص الخيالية لأغراض حسنة كتعليم بعض الفضائل أو ضرب الأمثال للتعليم، فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 13278 فلتراجع.
والله أعلم.