الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجمهور العلماء لا يُحرِّمون الإقامة في بلاد الكفار، إن كان المرء يأمن فيها من الفتنة، ويستطيع إقامة شعائر دِينه،
فالعبرة إذن بأمن الفتنة، والقدرة على إقامة شعائر الدِّين!
فمتى ما توفّر ذلك في بلد؛ جازت الإقامة فيه، ولو كان أغلب سكانه من غير المسلمين، ومتى ما عُدم ذلك؛ لم تجز الإقامة فيه إلا للمضطرّ، ولا يخفى أن هذا يختلف باختلاف البلدان، والأحوال، والأشخاص.
ومع ذلك؛ فيبقى أن إقامة المسلم في ديار المسلمين هي الأصل، والعكس هو الاستثناء.
والأفضل على أية حال هو البلد الذي يكون أَعْوَن على طاعة الله تعالى، وأقرب إلى الاستقامة، كما نبهنا عليه في عدة فتاوى، منها الفتويان: 426394، 363721.
أما قول السائل: (كيف يعمّ الإسلام العالم ويتوسّع إذا لم نهاجر لبلاد الغرب، ونتعلّم ما ينفع أمّتنا؟)
فهذا قد يقال لمن يسافر سفرًا مؤقتًا لغرض الدعوة، أو التعلّم، بخلاف الهجرة والإقامة الدائمة، والتي يكون سببها في الغالب أمورًا معيشية، لا شرعية.
على أن وسائل الدعوة والتعليم في عصرنا هذا لم تَعُدْ قاصرةً على الوجود الجسدي، فهناك من وسائل التواصل والاتّصال ما تتيسر به الدعوة، وطلب العلم عن بُعْد.
وعلى أية حال؛ فالعبرة -كما أشرنا- بأمْن الفتنة، والقدرة على إقامة شعائر الدِّين.
والله أعلم.