الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغسل النجاسة أَعَمُّ من الاستنجاء، فقد تكون النجاسة على الثوب، أو الأرض، أو الفراش، وغير ذلك، فلا يسمى غسلها استنجاء؛ لأن الاستنجاء هو: غسل النجاسة التي تبقى على مخرج البول والغائط.
وغسل النجاسة يكفي فيه صبّ الماء على المحلّ، ولا يشترط الدلك، ولا العصر، سواء كانت استنجاء، أم على البدن، أم على الثوب؛ فالمهم أن تزول عين النجاسة عن المحل، كما فصلناه في الفتوى: 71255، والفتوى: 135357، والفتوى: 270373.
لكن إذا كانت النجاسة لا تزول إلا بالدَّلْك؛ فإنه يتعيّن، قال الحطاب في مواهب الجليل: النجاسة المائعة دون لزوجة، يكفي في تطهيرها صبّ الماء، وإتباعه دون دَلْكٍ، وكما لا يشترط فيه الدلك، لا يشترط فيما يغسل به من الماء قدر معين، بل ما يغمر النجاسة ويغلب عليها؛ لأن المقصود ذهاب عين النجاسة.
وإذا زالت بصب الماء دون غيره، لم تفتقر إلى الدلك، وهذا فيما لا يظهر له عين بعد صب الماء، كالبول. انتهى.
وقال الدسوقي: المقصود إزالة النجاسة، فالتي يمكن زوالها بمجرد صب الماء من غير كثرة -كالبول، والماء المتنجس-، أو بمكاثرة صب الماء -كالمذي، والودي-، لا تحتاج إلى عَرْك ودلك، وما لا يزول إلا بالعرك والدلك؛ فلا بد له من ذلك. اهــ.
كما أن من الفروق -أيضًا- أن الاستنجاء من البول أو الغائط يجزئ فيه الاستجمار بأحجار، ونحوها، كالمناديل، حتى تزول عين النجاسة، وأما غسل النجاسة من الثوب مثلًا، فلا بُدَّ من استعمال الماء، ولا يكفي في تطهيرها مسح عين النجاسة بمنديل، أو حجر، ونحوهما؛ لأنه لو زالت عين النجاسة بهذا، لبقي حكمها؛ فلا يزول إلا بالماء، ولا يحكم بطهارة المحل إلا باستعمال الماء.
والله أعلم.