الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام السائل وأهله فقراء محتاجين؛ فلا حرج عليهم أن يقبلوا من هذا المال الحرام ما يحتاجون إليه؛ فإن مصرفه إلى الفقراء، والمساكين، وهم منهم، قال الغزالي في «إحياء علوم الدين»: له أن يتصدّق على نفسه وعياله -يعني بالمال الحرام الذي بيده- إذا كان فقيرًا: أما عياله وأهله؛ فلا يخفى؛ لأن الفقر لا ينتفي عنهم بكونهم من عياله وأهله، بل هم أولى من يتصدّق عليهم، وأما هو، فله أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير، ولو تصدّق به على فقير، لجاز، وكذا إذا كان هو الفقير. اهـ.
ونقله النووي في «المجموع» عن الغزالي، ثم قال: وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه، ونقله الغزالي أيضًا عن معاوية بن أبي سفيان، وغيره من السلف، عن أحمد بن حنبل، والحارث المحاسبي، وغيرهما من أهل الورع؛ لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر، فلم يبقَ إلا صرفه في مصالح المسلمين. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وللفقير أكله -يعني المال الحرام المأخوذ برضا الدافع-، ولوليّ الأمر أن يعطيه أعوانه، وإن كان هو فقير، أخذ كفايته. اهـ.
ونسأل الله تعالى أن يعافيكم في دِينكم، ودنياكم، وأن يكفيكم بحلاله عن حرامه، ويغنيكم بفضله عمن سواه.
والله أعلم.