الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك على هذه الحال التي ذكرت من القسوة والجفاء والغلظة في التعامل مع بذاءة اللسان؛ فلا شك في أنه مسيء إساءة عظيمة، ومخالف لما حث عليه الشرع الحكيم من حسن معاشرة الزوجات، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ .
وقال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.
ومن أهم ما نوصيك به الدعاء لزوجك، والتضرع إلى الله سبحانه أن يصلح حاله، ويحسن خلقه، ولا تيأسي في هذا السبيل، فالله على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه يقلبها كيف يشاء، وقد قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجعي لمزيد الفائدة راجعي الفتوى 119608.
واستمري في نصحه بالرفق واللين، واستعيني عليه ببعض المقربين إليه، ومن ترجين أن يقبل قوله من الأقارب أو الأصدقاء؛ ليعظوه، ويذكروه بالله تعالى، وبأن لك عليه حقوقًا، كما أن له عليك واجبات، كما قال الله عز وجل: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
والمرجو أن يكون لهذا النصح تأثير عليه، وينتفع به، ويرجع لرشده وصوابه.
ولو قُدِّر أن استمر على حاله؛ فلك الحق في طلب الطلاق، فقد نص الفقهاء على أن الضرر البيِّن من مسوغات طلب الطلاق، ونقلنا كلامهم في ذلك في الفتوى: 37112.
وطلب الطلاق أمره هيِّن، ولكن الغالب أن تكون ثمرة الطلاق مُرَّة، وعواقبه سيئة، وخاصة على الأولاد، فقد يكونون ضحية فراق الوالدين، وتشتت الأسرة؛ ولذلك لا ينبغي المصير إليه إلا إذا ترجحت مصلحته.
وننبه إلى أن عرف الناس وعادتهم معتبرة في عمل المرأة مع زوجها، وما إن كان محمولا على أنه مجرد تبرع، أم تستحق عليه الثواب. وسبق لنا بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 130876.
وعلى كل: فليس للزوج الحق في الضغط على زوجته، وإجبارها على العمل معه.
ونرجو في الختام مراجعة الفتوى: 111376. وهي عن حكم تكاليف زينة المرأة مع بيان بعض التوجيهات للزوجين بهذا الخصوص.
والله أعلم.