الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أولًا- أن السائل الذي يخرج من قُبُل المرأة، ينقسم من حيث الحكم المترتب عليه إلى قسمين:
قسم يوجب الوضوء فقط، وهو: كل خارج، سواء كان مذيًّا -وهو: الماء اللزج الذي يخرج بعد الشهوة الصغرى-، أو كان وديًا -وهو: الماء الغليظ الذي يخرج بعد البول غالبًا، ولا علاقة له بالشهوة-، أو كان رطوبة فرج -وهي: إفرازات تخرج من مخرج البول، أو من المهبل-؛ فهذا كلّه لا يوجب الغسل، وإنما يوجب الوضوء فقط.
والقسم الثاني هو الذي يوجب الغسل، وهو: المني.
والمنيّ هو: السائل اللزج، الذي يخرج بتدفق، وشدة اندفاع عند الشهوة. ويخرج في حال اليقظة، ويخرج في حال النوم، وهو ما يعرف بالاحتلام.
والمنيّ بهذه المواصفات هو الذي يلزم منه الغسل فقط.
وغالبًا ما يكون لون منيّ المرأة أصفر، كما ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فأيهما سبق، أشبهه الولد. رواه مسلم، وأحمد، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم.
فإن احتلمت المرأة في نومها، ورأت أَثَر المنيّ؛ فيلزمها الغسل، ولا يجزئها التيمم، إلا إذا كانت فاقدة للماء، أو عاجزة عن استعماله.
وبناء عليه؛ فإن كان ما حصل لك احتلامًا موجبًا للغسل، فكان الواجب أن تغتسلي -إذا لم يكن استعمال الماء يمرضك، ويسبب لك ضررًا-، وهذا ما يجب عليك في المستقبل، إن أصرَّت أمك على منعك من الاغتسال الواجب.
ويمكنك أن تغتسلي دون أن تشعريها بذلك؛ فتجمعين بين حسنة الغسل، ورفع الجنابة، وعدم إغضاب الأم.
فاستغفري الله تعالى مما فعلت، وبادري إلى قضاء الصلاة التي تيمَّمت لها، بعد أن تغتسلي من الجنابة.
وأما الإفرازات التي تشكّين في كونها منيًّا، فيمكن أن تقطعي ذلك الشك بملاحظة صفاتها، والأعراض التي تصحبها، فإن المني من صفاته أنه يخرج عند اللذة الكبرى، أو في النوم، وله دفق، ويعقبه فتور، وله رائحة كرائحة العجين مثلًا.
وهنالك إفرازات كثيرة تخرج من المرأة، ولا توجب الغسل -كما بينا سابقًا-.
والله أعلم.