الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتقديم عقد يفيد بأن فلانا يؤوي فلانًا، وهو في الحقيقة لا يؤويه؛ لا شكّ أن هذا من الكذب، والكذب محرم -كما هو معلوم-، ومن أردأ الأخلاق، روى الإمام مالك في الموطأ أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: "نعم". فقيل له أيكون المؤمن بخيلًا؟ فقال: "نعم". فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: "لا".
وجاء في الصحيحين الأمر بالصدق، والحثّ عليه، وبيان حسن عاقبته؛ والنهي عن الكذب، والتحذير منه، وبيان سوء عاقبته، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ؛ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا.
وعلى هذا؛ فلا يجوز تقديم عقد الإيواء الكاذب. وانظر للفائدة الفتوى: 456247، والفتوى: 462253.
والله أعلم.