الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحر لا يقتل بالعبد كما قال جمهور العلماء، وراجع في ذلك الفتوى: 19971، والإسلام هو دين الحضارة والعدالة والمساوة، فقد نظم المعاملات بين الناس وبيّن أحكام العقود والجنايات والعقوبات وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم مع بعض، ثم إن هذه الحياة الدنيا هي دار ابتلاء واختبار، وليست دار تكريم وجزاء، والعبد قد خصه الله بمضاعفة الثواب إذا أحسن القيام بواجباته، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله، فله أجره مرتين، والمساواة والعدالة ليس معناهما أن يستوي الناس في كل شيء، الرئيس والمرؤوس والشريف والوضيع، والغني والفقير، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، فتلك فروق جعلها الله بين البشرية، ولا بد أن يبقى لها أثر في الوجود كيفما كان التنظيم المتبع.
ورغم أن مسألة منع القصاص للعبد من الحر، والاقتصار في جنايته عليه على القيمة عادلة عقلًا، فإن المسلم لا يحكم عقله في الأحكام الصادرة عن الله تعالى إلا بقدر ما يفهمها، وواجبه الخضوع والإذعان لها استجابة لقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65]، فالله تعالى هو أحكم الحاكمين، وهو أدرى بحقيقة العباد وبمصالحهم، وإن يكفر بشيء من ذلك ناس فقد وكل الله به قومًا ليسوا به كافرين، فلا تلتفت إلى إلحاد أولئك الفساق والكفرة الذين همهم الوحيد هو أن يبدلوا دين الله، ويحكموا بغير ما أنزل الله.
والله أعلم.